هل نحن للناس سهم أخضر أم سهم أحمر؟

العلاقات بين الناس تنقسم لنوعين:

  • علاقة ترفع الشخص وتجعله أفضل مع الوقت.
  • علاقة تُسقط الشخص وتجعله ينحدر في المستوى حتى قد يصل للحضيض.

هذي التأثيرات غالباً ما تكون غير واضحة في البداية، لكن مع مرور الوقت تظهر بجلاء.

توضيح:

مفهوم العلاقة لا يقتصر على نوع محدد، بل يشمل أي اتصال مع شخص ينتقل إلى مرحلة الصداقة أو مشاركة المعلومات بين الطرفين. والمقصود هنا العلاقات التي يمكن للشخص أن يتجنبها أو يقطعها عندما يرى تأثيرها عليه وإلى أين تقوده.

ومع ذلك، هناك علاقات يصعب قطعها أو لا ينبغي أن تُقطع، مثل علاقات الدم، كالعلاقة مع العائلة، بما في ذلك الوالدين، والإخوة، والأبناء، والأزواج.

مثال على علاقة سهم أحمر:

شخص نشأت بينه وبين زميل في العمل علاقة، كان في البداية مجتهداً في عمله ومتحمساً لتحقيق النجاح، حيث كان يبذل جهداً جسدياً ونفسياً لإتمام مهامه، مدركاً أن النجاح لا يأتي بالراحة.
ولكن مع الوقت، تعرف على زميل آخر في العمل، وهذا الزميل كان لا يحب عمله ولا يهتم به. كانت فكرته الأساسية هي الحصول على راتب بأقل جهد ممكن، فكان يبحث دائماً عن الأعذار للتهرب والتلاعب، مركزاً على راحته بدلاً من إنجاز العمل.

تأثر صاحبنا بهذا الزميل ومع مرور الوقت أصبح مثله، متهرباً وغير مجتهد.
هذه العلاقة تمثل مثالاً واضحاً لعلاقة “السهم الأحمر”، التي تشير إلى التدهور والانحدار.

مثال اخر :
شخص دخل في علاقة مع شخص آخر، ووجود هذا الشخص في حياته تسبب له إحراجاً أو انعزالاً عن مجتمعه المحيط.
في البداية، كان الانعزال بسيطاً وغير ملحوظ، لكن مع تطور العلاقة أصبح الانعزال أكبر. بسبب هذه العلاقة، بدأت علاقاته مع من حوله تتدهور، ومع مرور الوقت أصبح يشعر بثقل العودة إليهم، سواء بسبب الخوف من العتاب أو شعوره بالتقصير تجاههم.

مع مرور الوقت، وعندما انتهت العلاقة لسبب ما، اكتشف أنه خسر نفسه والكثير من الأشخاص الذين كانوا يهتمون به. كان شخصاً اجتماعياً، لكنه أصبح انعزالياً وفقد تواصله مع محيطه.
هذه العلاقة تمثل مثالاً للسهم الأحمر الهابط، الذي يشير إلى الخسارة.

بعض العلاقات تكون أنانية:
قد يُجبر الطرف الثاني الشخص على الانعزال ليستمتع بالتفرغ له، غير مهتم بما يحدث للطرف الآخر. وهنا قد يُستغل الشخص لسعادة الطرف الآخر فقط. وهنا نسمع البعض يقول: “الله يلعن اليوم اللي عرفناه فيه”.

مثال على علاقة سهم أخضر:

شخص دخل في علاقة، والطرف الثاني كان داعماً له في تطوير ذاته.
هذي العلاقة ساعدته في تحسين علاقاته بمحيطه، تخفيف ضغوطه النفسية، وإعطائه دافعاً للتقدم في حياته.

حتى لو انتهت العلاقة فجأة، لما نظر لوضعه، وجد نفسه أفضل من قبل العلاقة. هذي العلاقة تشبه السهم الأخضر اللي يعني الربح والارتقاء. وهنا نسمع من الطرف الأول يقول: “الله يذكره بالخير”.

حينما يكون انتهاء العلاقة بداية للضياع

قد نكون شاهدنا في بعض الأفلام أو سمعنا، وربما حتى رأينا في الواقع، أشخاصاً تدمرت حياتهم بسبب انتهاء علاقة. فقد تكون تلك العلاقة سبباً لسقوطهم في مستنقعات الرذيلة، أو البحث عن سعادة زائفة في الأماكن الخاطئة، في محاولة لمنح أنفسهم إحساساً بالانتقام أو النسيان. ولكن في الحقيقة، هم لا ينسون ولا ينتقمون إلا من أنفسهم.

المشكلة:

هل الطرف الثاني هو السبب؟
قد يكون مؤثراً، لكن المشكلة الأساسية تكمن في الطرف الأول نفسه. قد يكون انخدع بالإحساس المؤقت بالسعادة، أو لأنه لم يرَ الأمور من منظور بعيد ( انظر لموضوع قاعدة الثلاث عدسات ). الأسباب متعددة، منها ضعف الشخصية، الحاجة العاطفية، أو قلة الخبرة.

العلاقات التي يصعب قطعها وتأثيرها على الحياة

العلاقات التي من المفترض ألا تُقطع بسهولة، مثل علاقة الزواج، يمكن أن تكون إما سهماً أخضر يرتقي بالحياة أو سهماً أحمر يؤدي إلى التدهور.

في بعض الحالات، يكون الزواج سبباً في تحسين حال الشخص وجعله أفضل، بينما في حالات أخرى قد يؤدي إلى تدهور الحياة وجعلها أسوأ. عندما يبدأ أحد الطرفين بملاحظة أن العلاقة تسير في اتجاه “السهم الأحمر”، يجب أن يحاول توضيح الأمر للطرف الآخر، ويجتهد في تحسين العلاقة، ويثقف نفسه ليصبح سهماً أخضر يرفع من مستوى شريكه.

هذا الأمر لا يقتصر فقط على الزوجين، بل يمتد إلى الأبناء، حيث أن التأثير السلبي أو الإيجابي للعلاقة ينعكس عليهم بشكل مباشر. وينطبق ذلك أيضاً على أفراد العائلة. شخص واحد فقط يمكنه تغيير طريقة تفكير عائلته إذا اجتهد وحاول.

وإن لم يستطع تغيير الوضع، فعليه التركيز على تحسين نفسه، والابتعاد عن التصرفات الضارة، والارتقاء فوق الأمور التي قد تقوده للحضيض.

وقفة للتأمل:

كلنا في يوم ما سنقطع علاقاتنا بأشخاص، أو ستُقطع لأسباب قد تكون خارجة عن إرادتنا مثل الوفاة.
لذا، يجب أن نسأل أنفسنا:

  • هل نحن للناس سهم أخضر أم سهم أحمر؟
  • هل نترك خلفنا ذكريات جميلة أم سيئة؟

أمي، رحمها الله، كانت تقول:
“إذا تبي تُذكر، سو خير أو منكر.”

كونك سهم أخضر يعني أن ذكراك ستكون طيبة، بينما كونك سهم أحمر يعني العكس.
فلنحرص أن نكون دائماً مصدر خير ودعم للناس اللي حولنا.

وفي ختام الموضوع، أتمنى من كل شخص كنت له يوماً ما سهماً أحمر أن يسامحني.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *